في أواخر شهر رمضان من كل عام, يظهر التباكي, وتبدو الحسرة, وتشاهد
اللوعة على وجوه أهل الصيام, كُل ذلك حزناً على فراق شهر رمضان, هذا الشهر
الذي خصه الله _تعالى_ بخصائص, وفضائل تميز بها عن سائر الشهور, وحُق
لهؤلاء أن يبدوا عليهم ذلك, بل –والله- لو تفطرت أكبادهم حزناً على فراقه
لما كانت –وربي- ملومة.
بيد أن هذا الشعور غالباً ما يختفي
بعد أيام قليلة من شوال, بل ربما اختفى عند البعض يوم العيد –والله
المستعان- لأسباب كثيرة ليس هذا موضع ذكرها !
إلا أن ثمة
(إكسيراً) ودواءً استعمله البعض, فوجدوه يبقي موضوعاً مفعول هذا الشهر
أشهراً طويلة تمتد إلى رمضان الذي يليه, إنه سر رمضان .. وجوهره .. وإكسيره
.. إنه العيش مع القرآن الكريم: تلاوةً, وتدبراً .. العيش معه عيشة تملاً
القلب, والسمع, والبصر: "إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ
قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ"(2) (قّ:37)
أذكر
هذا في بدايات هذا الشهر الكريم, عسى أن يكون رمضان –الذي هو شهر القرآن-
انطلاقة حقيقية لصلة وثيقة, وقوية مع هذا الكتاب العظيم